"(... )یشكل ھذا الملتقى الوطني، الذي ینعقد تحت شعار، "تنمیة المدن مواطنة ومسؤولیة"، فرصة سانحة للمنتخبین المحلیین، وممثلي السلطات العمومیة، وھیئات المجتمع المدني، لتقییم ما تحقق من إنجازات، وبرامج تنمویة متكاملة، ورصد مكامن الخلل في تدبیرھا، وكذا التفكیر في أنماط جدیدة من التسییر، تمكنھا من رفع تحدیات العولمة والتنافسیة الدولیة للمدن.
وإن اختیاركم لمواضیع تمس مجالات مھمة، في تدبیر الشأن المحلي، مثل الحكامة بالمدن، وتدبیر المرافق العمومیة والنمو الحضري، لیؤكد مدى وعیكم بالدور الھام، الذي تقوم بھ المدن، كقاطرة للتنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة؛ منوھین، في ھذا الصدد، بالمقاربة التشاركیة وبالمقترحات، التي تم تبنیھا في الأشغال التحضیریة الجھویة لھذا الملتقى.
وإن طموحنا لكبیر في جعل المدن والجماعات المحلیة، تشكل، إلى جانب الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، شریكا حقیقیا في مسلسل التنمیة الشاملة ببلادنا، وقوة اقتراحیة، لتفعیل مختلف الاستراتیجیات الوطنیة.
وبما أن الحكامة الجیدة، أصبحت عنصرا أساسیا في تدبیر المدن الكبرى، كان لزاماً على مدننا التوجھ نحو نظام یمكن من فتح المجال لمبادرات، تقوم على مقاربة تعاقدیة وتشاركیة،بین الدولة والمدن، ومن انخراط مختلف الفعالیات السیاسیة، والاقتصادیة والاجتماعیة، وإشراك المواطنین في مختلف مراحل إنجاز البرامج المحلیة.
(...) لقد عرفت مدننا، نمواً دیمغرافیاً ملحوظاً، وتوسعاً عمرانیاً كبیراً، نتج عنھ اختلاط ضواحي المدن بالمجال القروي، وتنامي حاجیات السكان، إلى التجھیزات التحتیة والمرافق الضروریة. وذلك ما یتطلب اعتماد رؤیة شمولیة، تستھدف استباق أبعاد التوسع العمراني، والتحكم فیھ، وفتح مناطق جدیدة للتمدن، وخلق توازن بین المدینة والمراكز القرویة المجاورة لھا. غایتنا المثلى، لیس فقط تحقیق مدن بلا صفیح، ولا استبدالھا بمساكن أشبھ بعلب الإسمنت عدیمة الروح الاجتماعیة، وإنما بالأحرى، جعل مدننا ترتقي إلى فضاء للتساكن والعیش الكریم، ومجال للاستثمار والإنتاج، في حفاظ على طابعھا الحضاري المتمیز.(...)".