"الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
شعبي العزيز،
بمشاعر الفخر والاعتزاز، نخلد اليوم، الذكرى المجيدة لثورة الملك والشعب، لما تحمله من معان ورموز قوية، ستظل راسخة في الذاكرة الوطنية.
إنها محطة بارزة في تاريخ المغرب الحديث، ليس فقط بما تدل عليه من ثورة نضالية، في سبيل حرية الوطن واستقلاله، ولكن أيضا بما تجسده من الروح الوطنية الصادقة، والتضحية التلقائية، في التحام وثيق بين العرش والشعب، بقيادة محرر البلاد، جدنا المنعم، جلالة المغفور له، الملك محمد الخامس، قدّس الله روحه، ورفيقه في الكفاح، والدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواه.
وإننا لنستحضر، بكل خشوع، روحيهما الطاهرتين، وأرواح شهداء المقاومة الأحرار، الذين وهبوا أرواحهم وكل ما لديهم فداء للوطن. إذ كانوا يعتبرون ما قاموا به واجبا وطنيا مقدسا. أملهم بناء مغرب موفور السيادة والكرامة، وتوفير غد أفضل لأبنائهم. سلاحهم الثقة في قدراتهم، وإيمانهم في مستقبل بلدهم، فصدقوا ما عاهدوا الله عليه. لقد خلفوا لنا وطنا حرا مستقلاً، علينا اليوم، أن نضيف إلى أمجاده التليدة، أمجاداً جديدة.
فماذا نستخلص من هذه الملحمة الخالدة ؟ إنها الفضائل التي ما أحوجنا إلى مواصلة التحلي بها. فضيلة الوطنية الصادقة، والتضحية اللا مشروطة، في سبيل عزة الوطن وكرامته. فضيلة الثبات على المبدأ، الذي لا يمكن أن يكون موضوع مساومة. فضيلة الإخلاص للمقدسات الوطنية التي تسمو على كل المصالح والحسابات الفردية.
فعلينا إذن أن نجعل من تخليد هذه الذكرى لحظة قوية، نشحذ فيها العزائم، ونعبئ الطاقات، للنهوض بالأمانة التي يلقيها بلدنا على عاتق كافة أبنائه. وبذلك سنجعل من هذه الثورة الخالدة، ثورة متجددة ، تنطلق من الثقة في النفس، ومن الاعتزاز بوطننا وبتاريخه العريق، وبأمجاده البطولية. ثورة تحقيق المواطنة الكريمة، التي نستشرف آفاقها الواعدة، من خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
كما أن علينا أن نستلهم من هذه الذكرى، روح الإقدام والشجاعة، للتوجه نحو المستقبل بالعمل البناء، والمشاركة الإيجابية، ونجسد الوطنية الحقيقية، ونسمو على ثقافة المقايضة، التي لا تعطي إلا لتأخذ أضعاف ما أعطت.
لقد كانت تضحية آبائنا بالأمس، كفاحا من أجل استرجاع السيادة والاستقلال. أما اليوم وغدا ، فإن التضحية يجب أن تتجسد في العمل المتواصل من أجل تحقيق التنمية الشاملة، والمواطنة الكريمة لكافة أفراد شعبنا الأبي.
لذلك، فإننا من خلال عملنا الميداني الموصول، وتتبعنا لمختلف البرامج والمشاريع الإنمائية، بمختلف ربوع المملكة، إنما ندعو جميع المغاربة إلى الانخراط الفاعل والتلقائي، في كل المبادرات التنموية التي نطلقها، وإلى التنافس في تحقيق مقاصدها. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
وإيمانا منا بأن الوطن للجميع، فإننا نحث كل المواطنين، على المساهمة في بناء المغرب الحديث. مغرب التقدم والتنمية، مغرب الطموح والمسؤولية، بروح الجد والاجتهاد، والعمل والمثابرة.
شعبي العزيز،
إن عيد الشباب يضيف إلى ذكرى ثورة الملك والشعب بعداً جديدا، يستمد روحه من عزائم الشباب وطاقاته الواعدة. فلشبابنا نقول: إنك المجسد لِطموح الأمة، والحامل لآمالها في غد أفضل، والتي لا يمكن تحقيقها إلا بالتزام العمل المنتج، والمثابرة الحثيثة، والاجتهاد الخلاق، والتنافس في الإبداع.
وإن الثقة في أنفسنا وفي مستقبل وطننا، التي مافتئنا ندعو إلى التحلي بها، ليست بالثقة المجانية أو الدعائية. بل إنها الثقة الإيجابية، المنبثقة من إيماننا بقدرات بلدنا، وعبقرية أبنائه، ومن رصيدنا الحضاري العريق.
إنها الثقة المستمدة من واقع المنجزات المتواصلة، التي يشهدها المغرب يوميا، في كل أنحاء المملكة. سواء تعلق الأمر بترسيخ ركائز وحدتنا الوطنية والترابية، أو بأوراش التنمية البشرية وتأهيل اقتصادنا، أو بحسن سير الحياة المؤسساتية، وتعزيز الحريات العامة. وذلكم ما يعكسه ارتفاع مؤشرات التنمية، التي سجلتها بلادنا، والتي تحظى بتقدير واعتراف المؤسسات والهيآت الدولية المختصة.
ومهما تكن المكاسب الهامة التي حققناها، فإن طموحنا لتوفير الغد الأفضل، الذي نريده لكافة فئات وجهات وطننا، يجعلنا نعتبرها حافزا على مواصلة العمل. سبيلنا إلى ذلك الالتزام بالوطنية الصادقة، وروح المواطنة المسؤولة، وتفعيل التربية على التضامن والتشارك، وعلى ثقافة الابتكار والمبادرة.
وإننا لعازمون، على المضي قدماً في هذا النهج القويم، لتحقيق التنمية الشاملة، وتوفير المواطنة الكريمة لشعبنا.فمستقبل المغرب هو بأيديكم شبابنا الواعد. إنه المستقبل المشروط بتضافر الجهود، والمثابرة والاجتهاد في العمل، من أجل تنمية بلدنا وتحقيق تقدمه، وتوسيع إشعاعه الجهوي والدولي، ثابت الوحدة وموفور السيادة والكرامة، في تلاحم وثيق، وولاء عميق بين العرش والشعب
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".