وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يوم الجمعة، خطابا إلى حفل توقيع اتفاق باريس حول التغيرات المناخية بمقر الأمم المتحدة، تلته صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء.
وفي ما يلي النص الكامل للخطاب الملكي :
"الحمـد لله، والصـلاة والسـلام عـلى مـولانـا رسـول الله وآلـهوصحبـه .
السيـد الأميـن العـام لمنظمـة الأمـم المتحـدة،
السيـدة رئيسـة الـدورة 21 لمـؤتمـر المنـاخ،
أصحـاب الفخـامـة والمعـالـي والسعـادة،
حضـرات السيـدات والسـادة،
إنـه لمـن دواعـي الاعتـزاز، أن يكـون المغـرب اليـوم، مـن بيـن الـدول الأولـى، التـي ستـوقـع عـلى اتفـاق بـاريـس التـاريخـي، حـول التغيـرات المنـاخيـة؛ مـؤكـديـن التـزامنـا باتخـاذ الإجـراءات اللازمـة، للمصـادقـة عليـه، فـي أقـرب الآجـال .
وأود الإشـادة بمـا أبـانـت عنـه الـرئـاسـة الفـرنسيـة لهـذه الـدورة، من قيـادة محكمـة وانخـراط تـام، مكنـاهـا مـن تعبئـة المـوارد، وتـوفـيـر الشـروط الضـروريـة، التـي أتـاحـت تحقـيـق التـوافـق، حـول اتفـاق بـاريـس .
ومـن هنـا، فقـد أصبـح مفـروضـا علينـا اليـوم، تـوجيـه جهـودنـا الجمـاعيـة، خـلال الـدورة 22 للمـؤتمـر، التـي يعتـز المغـرب باحتضـانهـا بمـدينـة مـراكـش، نحـو العمـل عـلى حسـن تفعيـل كـافـة مقتضـيـات هـذا الاتفـاق، الشـامـل والمتـوازن والمنصـف .
أصحـاب الفخـامـة والمعـالـي والسعـادة،
لقـد بـادرت المملكـة المغـربيـة، فـي إطـار وفـائهـا بالتـزامـاتهـا المنـاخيـة، بوضـع سيـاسـة وطنيـة منـدمجـة، للحفـاظ عـلى البيئـة، ومواجهـة الآثـار الناجمـة عـن التغيـرات المنـاخيـة، وتقليـص الانبعـاثـات المسببـة للاحتبـاس الحـراري، بنسبـة 32 في المئة، بحلـول سنـة 2030 .
وفـي هـذا الإطـار، أقـدم المغـرب عـلى عـدة مبـادرات، للانخـراط فـي الاقتصـاد الأخضـر، واعتمـد الميثـاق الوطنـي للبيئـة، واستـراتيجيـة النجـاعـة الطـاقيـة، إضـافـة إلـى تحـريـر قطـاع الطـاقـات المتجـددة .
وهـو مـا جعلـه يـرفـع مـن سقـف طمـوحـاتـه، مـن خـلال استـراتيجيـة وطنيـة، تهـدف لبلـوغ نسبـة 52 في المئة مـن الطـاقـات المتجـددة، مـن مجمـوع الحـاجيـات الوطنيـة، فـي أفـق 2030، وذلـك بفضـل مشـاريعـه الكبـرى، وخـاصـة فـي مجـال الطاقـات الشمسيـة والريحيـة .
وسيـرا عـلى نهجـه التضـامنـي، فـإن المغـرب مستعـد لتقـاسـم الخبـرة التـي راكمهـا فـي هـذا المجـال، خـاصـة مـع دول القـارة الإفـريقيـة ومنطقـة الشـرق الأوسـط، عبـر عقـد شـراكـات مبتكـرة .
أصحـاب الفخـامـة والمعـالـي والسعـادة،
إننـا نتطلـع لأن تشكـل الـدورة 22 لمـؤتمـر المنـاخ بمـراكـش، منـاسبـة لتعـزيـز الـوعـي العـالمـي، بضـرورة مـواصلـة الانخـراط الجمـاعـي فـي مـواجهـة التغيـرات المنـاخيـة .
كمـا نطمـح لتبنـي مسـاطـر وآليـات لتفعيـل اتفـاق بـاريـس، ومـن بينهـا اعتمـاد خطـة عمـل لفتـرة مـا قبـل 2020، فـي مـا يخـص تخفيـض الانبعـاثـات، والملاءمـة، والتمويـل، وتعزيـز القـدرات، ونقـل التكنولـوجيـا، والشفـافيـة، خـاصـة لفـائـدة البلـدان النـاميـة، والـدول الأقـل تقـدمـا، فـي إفـريقيـا وأمـريكـا اللاتينيـة، والـدول الجـزريـة الصغيـرة .
وهـو مـا يقتضـي الاتفـاق عـلى خـارطـة طـريـق ملمـوسـة وواضحـة المعـالـم والنتـائـج، مـن أجـل تعبئـة المـوارد المـاليـة الضـروريـة لتمـويـل المشـاريـع، وذلـك مـن أجـل تشجـيـع التغييـر، الـذي نتطلـع لتحقيـقـه، عـلى مستـوى نمـاذج الاستثمـار الخـاص .
وإن الانتقـال الطـاقـي المنشـود، يقتضـي الاستفـادة مـن كـل الآليـات التحفيـزيـة، وفـرض تسعيـرة مقـابـل انبعـاث الكربـون، وتغطيـة كـل القطاعـات الأسـاسيـة، بمـا فيهـا التـأميـن والنقـل الجـوي والبحـري .
كمـا يجـب إيجـاد حلـول للعـراقيـل الإيكـولوجيـة، التـي تعيـق التجـارة، ودعـم الجهـود التـي تبذلهـا البلـدان الناميـة، فـي سبيـل تنـويـع اقتصـاداتهـا، والاستفـادة مـن البـراءات عـلى أسـس تفضيليـة .
أصحـاب الفخـامـة والمعـالـي والسعـادة،
لقـد تمكنـا خـلال الـدورة 21 لمؤتمـر المنـاخ، مـن وضـع أسـس نظـام منـاخـي جـديـد، تضـامنـي وطمـوح. وبـذلـك يكـون مـؤتمـر بـاريـس قـد دشـن عهـد "الكـربـون المنخفـض ".
ومـن هـذا المنطـلـق، تشـكـل المفـاوضـات المـرتبطـة بتفعـيـل اتفـاق بـاريـس، استمـرارا للالتـزام بهـذا التضـامـن، وروح المسـؤوليـة، الـتي أبـان عنهـا المجتمـع الـدولـي .
إننـا نعتمـد عـلى انخـراط كـل الأطـراف، لتـرجمـة الالتـزامـات المعلـنـة فـي بـاريـس، إلـى أهـداف محـددة، وآليـات فـاعلـة، ومشـاريـع ملمـوسـة، تجعـل مـن طمـوحاتنـا واقعـا يستفـيـد منـه كـوكبنـا والأجيـال القـادمـة .
وسيتـشـرف المغـرب باستقـبـالكـم، مـن 7 إلـى 18 نـونبـر 2016، فـي مـدينـة مـراكـش، وذلـك مـن أجـل تعـزيـز الإسهـام الفعلـي والجمـاعـي، فـي الجهـود الـدوليـة لمكـافحـة التغيـرات المنـاخيـة .
والسـلام عليكـم ورحمـة الله تعـالـى وبـركـاتـه ".