" الحمد لله،
والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
أصحـاب المعـالي والسـعادة، حضـرات السـيدات والسـادة،
يطـيب لنـا أن نتـوجـه بـهذا الخـطاب إلـى اجتـمـاع لجـنتـكم المـوقـرة، تجسيـدا لانشـغالـنا المـستـمر بالقـضيـة الفلـسـطينـية العـادلـة، وتـأكيـدا للـدعـم المـوصـول الـذي نـولـيه لصـيانـة الهـويـة الحـضاريـة للقـدس الشـريف، مهـد الأديـان السـماويـة ورمـز تعـايشـها، ومـوئـل المسـجد الأقـصى المبـارك، أولـى القبلـتيـن وثالـث الحـرميـن.
إن الظـروف الـدقيقـة والتـحولات الجـهوية والدوليـة المتـسارعة، التـي يلتـئـم فيهـا هـذا اللـقـاء، لتـبـعـث علـى الأمـل والتشـبث بالتـفـاؤل. كمـا تستـوجـب تعبـئـة جهـود الأمـة الإسـلامـية، لمـؤازرة الشـعب الفـلسطيـني الشقـيق، ليـكون شـريـكا فـعالا فـي صـنع السـلام، الـذي يعـيد إلـيه حقـوقـه المشـروعـة، ويـنشـر ألـوية الـوئـام والتـعايـش بيـن دول المنـطقـة كلـها.
وإنها لفـرصـة ملائـمة، يتـعيـن علـى الجـميع استـثمـارها، بغـية الخـروج مـن نفـق طـويـل، خيـم علـيه اليـأس ومنـطق القـوة والعـنف، وتـعطلـت فيـه لغـة الحـكمـة والتـفاوض، لإيـجاد تسـويـة سلميـة، عـادلـة وشـاملـة ودائـمة، فـي نطـاق الشـرعيـة الدولـية.
وفـي هـذا السيـاق، فإننـا نعـتبـر أن خارطـة الطـريق تشـكل أرضـية منـاسبة لانطـلاقـة حقيـقيـة للمفـاوضات، ممـا يحـتم علـى الأطـراف المعـنية توفـير كـل الظـروف المـلائمة، لـتفعيـل عملـية السـلام، على أسـس واضـحة، لتـجنب أي انتـكاسة خطـيرة لها.
وإننا إذ نشيـد بحكمـة القـيادة الفـلسطيـنية، مستحضـرين بكـل إكـبار، النضال الرائد لزعيمـها التاريـخي، المشمـول بعفـو الله ومغـفرته، الرئيـس ياسـر عرفـات، تغمـده الله بواسع رحمتـه ورضوانـه، فإننـا نثمن الإرادة الشجاعـة لهـذه القـيادة، مـن أجل تنـظيـم استحقـاقـات انتـخابيـة متـلاحـقـة، مـن شأنـها تـمكـين الـشعـب الفلسطيـني الشـقيق، رغـم صعوبـة الظـروف المـحيـطة بـه، مـن اختـيار مـؤسسـاتـه الشـرعيـة بكـل حـريـة، مـؤكـدا للعـالـم، مـن جديـد، قدرتـه علـى التـلاحـم، وتشـبـثـه بالـديـمقـراطـيـة كـخـيـار حضـاري للتحـرر، وبنـاء دولتـه المستقـلـة.
وفـي هـذا الصـدد، فإننـا إذ ننـوه بـدعـم المجـتمـع الدولـي وقـواه الفـاعلـة، لإجـراء انتـخابـات فلسـطيـنيـة حـرة، تنـبثـق عنـها سلـطة شـرعيـة مسـؤولة ؛ فإننـا ندعـو الحـكومـة الإسـرائيـليـة إلـى توفـير جمـيع الشـروط اللازمـة، لـتمكيـن الشـعب الفلـسطينـي قاطـبة، بـمـن فيـه سكـان القـدس الشـرقيـة، من المـشاركـة الديـمقراطيـة في الاستـحقـاقات الانتـخابيـة، للاخـتيـار الحـر لمـؤسسـاته الـوطنيـة والمحلـية.
" أصـحـاب المعـالـي، حضـرات السـيدات والسـادة،
إن حمـاية هـويـة القـدس بتـراثـها الحـضاري العـريـق، تقتـضي مـن كـافة المسـلميـن المـزيـد مـن دعـم الجـهـود الخـيرة، الـتي تقـوم بـها وكـالة بيـت مـال القـدس، فـي تـكامـل مـع جميـع المـؤسسـات، العـربيـة والإسـلاميـة، المسـؤولـة عـن بـقاء القـدس ملـتقـى لتـعايـش الأديـان، بمـا عـرف عـن الإسـلام مـن تسـامح، وإشـاعـة للسـلام، وبـنـاء العـلاقـات بيـن كـافة الشـعوب، علـى أسـاس التـعارف والتـعاون والإخـاء.
وإن منجـزات هـذه الوكـالـة، فـي ميـدان صيانـة المـآثر والمعـالم التـاريخـية، ودعـم المـؤسسـات التـعليمـية والمـرافـق الأسـاسيـة، لشـاهـدة كلـها علـى الجـهد الـذي مـا فتـئت تبـذلـه.
وبصـفتنا رئيـسا للجـنة القـدس الشـريف، فإننـا نـدعـو جمـيع الـدول والمـؤسسـات الإسـلاميـة، الـرسميـة والشـعبيـة، إلـى الانخـراط فـي العـمل النبـيـل لـهـذه الوكـالـة، لا سيـما وأن نشـاطهـا يتـوجـه مبـاشـرة إلـى تحـسيـن الظـروف المـعيشـيـة اليـوميـة للمقدسييـن.
وإن مـن شـأن هـذا الاسـتثمـار فـي المـقـومـات التـنمويـة للشـعـب الفـلسطـينـي، أن يبـقـي شعـلـة الأمـل مـتوهجـة، لاسيمـا لـدى الأجيـال الفـلسطيـنيـة الصـاعـدة، التـي يتـعيـن الحـفـاظ علـى هويـتهـا الثـقافيـة والحـضاريـة، وتحـصينـها مـن التـطرف والانـغلاق ومشـاعـر الكـراهيـة.
إن الشـعب الفلـسطيـني الشقـيق ينـتظـر المسـاندة الفعـالـة، وتـرجمـة نتـائـج اجتـماعـكـم لإرادتنـا الـراسخـة، فـي التـجـاوب مـع انتظـاراتـه الملحـة، بمـا يعكـس وقـوفنـا الثـابـت والمتـواصـل إلـى جانبـه، حتـى يسـتعـيد حقـوقـه الوطـنية المشـروعـة، وإقـامـة دولتـه المستـقلـة، وعـاصمتـها القـدس الشـريـف.
وإذ نـتمنـى لاجتـماعـكـم أن يكـلل بالـتوفيـق والنـجـاح، نـدعـو الله تعـالـى أن يعـينكـم، ويسـدد خطـاكـم، لمـا فيـه خيـر القضيـة الفـلسطيـنيـة، التـي هـي أمانـة فـي عنقـنا، ولـن نتـوانـى فـي دعمهـا ومؤازرتهـا.
والسـلام عليكـم ورحمـة الله تعـالى وبركـاتـه".